الطائفية ..فتنة الحاضر والمستقبل







"يرى البعض أن الطائفية إستراتيجية مرتبطة بالنخب الاجتماعية المتنافسة في حقل السياسة، من أجل السيطرة واكتساب المواقع، سواء كان ذلك داخل الدولة، أو على صعيد توزيع السلطة الاجتماعية"
ويرى هؤلاء، أن الطائفية إستراتيجية مرتبطة بالنخب
الطائفية إستراتيجية مرتبطة بالنخب الاجتماعية المتنافسة في حقل السياسة ومن أجل السيطرة واكتساب المواقع، سواء كان ذلك داخل الدولة، أو على صعيد توزيع السلطة الاجتماعية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون هناك حرب طائفية من دون وجود نخب طائفية، أي من دون تبني النخب الاجتماعية -كلها أو بعضها- لإستراتيجية طائفية، والتعبئة الجماهيرية على أساسها.
أما إذا تحولت الدولة نفسها إلى مسرح لتنازع العصبيات الدينية والقبلية، بدل أن تكون إطار احتوائها وتجاوزها، فتلك تكون الطامة الكبرى، ويكون عندها من أهم مخاطر الطائفية -السياسية تحديدا- مخاطر تدمير الدولة نفسها وما يتبع ذلك انسحابا على الأمة كلها، والتي تنجم عن تعبئة العصبيات الطبيعية القائمة على القرابة المادية، كالعشيرة والعائلة والإتنية، أو المذهبية، كما تنطبق مع آليات شراء الضمائر والرشوة والفساد، بما يؤدي في النتيجة إلى تزوير الإرادة العامة، والتلاعب بالرأي العام في سبيل تزييف اختياراته، أو حرفها عن خطها الطبيعي المعبر عن مصالح الناس واختياراتهم بحرية، والالتفاف على معايير الخيارات السياسية. ونتيجتها في جميع الحالات تزييف الحياة السياسية الوطنية، وتهديد الدولة ومؤسساتها بالتحول إلى أدوات لخدمة مصالح خاصة، بدل أن تكون تقديم المصلحة العامة على جميع المصالح الأخرى.
ويتفق معظم المؤرخين في العالم الإسلامي على أن (الطائفية) كمفهوم لغوي وفكري وشرعي، هي تجسيد لفكرة أشار لها الباحث طه العلواني بالقول: "إنها الأقلية العددية المتحركة في إطار الكل، دون أن تنفصل عنه". ووفق هذا الأساس، لم تكن الطائفية مشكلة في مجتمعنا الإسلامي، إن لم تكن غالبا مصدرا من مصادر قوته واجتهاد علمائه، وسبيلا يمنع الفرقة والاختلاف والانقسام، تبعا لما خص الله به هذه الأمة من سمات التجدد والتفكّر والإبداع.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.